المثقفون المغاربة يرسمون «خارطة طريق» لوزير الثقافة الجديد لا بد من الحفاظ على المكتسبات السابقة والرفع من ميزانية الوزارة
بعدما كانت دواليب وزارة الثقافة «شبه معطلة» وتعمل في غموض وفي غياب أي إستراتيجية واضحة، تفاءل المثقفون بالتغيير الذي جاء ضمن رياح «الربيع العربي»، وعلى ذلك، فإن الكثيرين
اعتبروا أن على الباب أن يفتح على أمل جديد ويتم الانطلاق نحو المقاربة الواقعية والجريئة مع الشأن الثقافي.
وفي اتصال «المساء» بمجموعة من الفعاليات الثقافية، أبدى هؤلاء رغبتهم في إحداث التغيير داخل وزارة الثقافة بشكل يستجيب لتطلعات هذه الشريحة وخلق الجو السليم والطبيعي للعمل والقطع مع سياسة «شد الحبل»، التي كانت قائمة في ولاية الوزير السابق.
وفي هذا الإطار، يقول الشاعر إدريس الملياني، عضو اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية، الذي ينتمي إليه وزير الثقافة الحالي محمد أمين الصبيحي . يقول الملياني والمعروف في « اللجنة» المركزية ب«أرجوك حبيبي»: «لقد كنت من المعارضين للمشاركة في الحكومة، وقد أبديت رأيي ونشرته، ولكن ذلك لا يمنعني من أن أرسم بعض الخطوط العريضة التي أرى أن الوزير الجديد يجب أن يضعها أمامه وهو يرسم خارطة طريق الثقافة في فترة ولايته»، ويتابع الملياني قائلا: «أرى أن أول خطوة يجب أن يقوم بها وزير الثقافة الجديد هي أن يعمل على استعادة الثقة مع محيط المثقفين التي كانت قد تزعزعت في الفترة السابقة، فلا بد من تنقية الأجواء وإزالة الشكوك والضبابية في التسيير والابتعاد عن الاحتقان.. وأرى أنه من الضروري تنقية الجو النفسي وخلق تواصل جديد وفعال مع عموم المثقفين».
ويضيف الملياني أن هذه الأجواء لن تصفو إلا بتنظيم لقاءات مباشرة واجتماعات دورية مع مختلف الفعاليات، للمشاورة والإنصات إلى المقترحات والمَطالب. كما أنه يجب الالتزام واحترام المكاسب التي تحققت في اتفاق مع المنظمات والجمعيات وعدم التراجع عنها، خاصة تلك الاتفاقية التي وقعت على عهد الوزير محمد الأشعري». وهكذا يرى الملياني أنه إذا تحقق ذلك، سيتم نزع فتيل الاحتقان الذي غُذي في عهد بنسالم حميش. وعلى ذلك، يقول الشاعر المذكور إنه لا بد من الاستمرار في تطبيق المكتسبات السابقة، وذلك بتعزيز نشر الكتاب والعمل على توسيع مجال القراءة، مضيفا أن المعرض القادم للكتاب سيكون، دون شك، فرصة لاختبار توجهات وزارة الثقافة و»نواياها»، كما سيكون مناسبة لمعرفة مدى جدية البرنامج الحكومي ومدى الاهتمام الذي سيعطى للمجال الثقافي، الذي ظل مُهمّشاً، حيث ظلت ميزانية الوزارة متوقفة منذ حكومة التناوب التي قادها عبد الرحمان اليوسفي.
ويضيف الشاعر الملياني أنه لا بد من الاهتمام بالفنانين على المستوى الصحي وأيضا في المجال الحقوقي، ولا بد من مضاعفة ميزانية الجمعيات الفاعلة، مثل بيت الشعر واتحاد كتاب المغرب، ويختم قائلا: «إجمالا، يجب على الوزير أن يعمل على المحافظة على المكتسبات السابقة وفتح آفاق أخرى، من خلال الإنصات إلى كل الفاعلين، جمعيات وأفرادا».
ومن جهته، قال الشاعر مراد القادري، من بيت الشعر: «أتصور أن على وزير الثقافة الجديد أن يجتمع مع كافة الهيآت، وخاصة تلك التي عاشت حالة من التوتر مع الوزير السابق حميش، من أجل إعادة خطوط التواصل بين الوزارة وهذه المنظمات، وأعني هنا بالتحديد اتحاد كتاب المغرب والائتلاف المغربي للثقافة والفنون وبيت الشعر في المغرب، والذي تضرر كثيرا من سياسة الوزير السابق».
ويضيف مراد القادري: «أقترح على الوزير أيضا أن يعقد لقاء مع الجبهة المغربية للحكامة الجيدة لتدبير الشأن الثقافي. وأعتقد أن لقاءات من هذا النوع مع هذه التنظيمات ومع غيرها من شأنها أن تكشف عن ملامح خارطة طريق وبرنامج عمل للفترة المقبلة قد يكون أحد عناوينها الأولى هو تنظيم ندوة وطنية حول السياسة الثقافية في المغرب، يشارك فيها كافة الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والثقافيين والاجتماعيين، حتى تتملك بلادنا خطة للثقافة، كما هو الحال بالنسبة إلى قطاعات اجتماعية واقتصادية، مثل الفلاحة والصيد البحري والطاقة».
أما حسن النفالي، عن الائتلاف المغربي للثقافة والفنون، فيقول إن «من الانتظارات التي نترقبها إعادة المكتسبات التي تم «الإجهاز» عليها في الفترة السابقة، كما أنه لا بد من فتح أوراش حول قانون الفنان وبطاقة الفنان، وخاصة التغطية الصحية والتقاعد». ويضيف قائلا إنه «لا بد من الرفع من ميزانية وزارة الثقافة، فالرقم الحالي لا يفي بالتطلعات ولا يحقق المطالب». وتابع أنه «لا بد من ترسيخ الدعم الخاص بالمسرح والموسيقى وتخصيص دعم الكتاب والفنون التشكيلية وكذلك مدارسة الوضعية الاعتبارية للمبدعين والمثقفين والفنانين».
ونشير إلى أن محمد أمين الصبيحي كان قد أفصح، في حفل تسليم السلط مع سلفه بنسالم حميش، عن أنه «ضد البيروقراطية ومع العمل المشترك والتشاركي»، كما أنه سبق أن قال إن «تثمين هذا الرصيد الزاخر في قطاع الثقافة يتطلب مقاربة للعمل، تطبعها روح التفاني ونكران الذات، بعيدا عن كل بيروقراطية من شأنها أن تخنق الإبداع والتجديد». واعتبر الصبيحي أن «المغرب في حاجة إلى يقظة ثقافية وفكرية في إطار مسار ينخرط فيه جميع الفاعلين المعنيين»، موضحا أن بلوغ هذا الهدف لا يمكن أن يتحقق بدون تنسيق الجهود لمواكبة التغيرات التي يعرفها المغرب.
اترك تعليقا