أدباء في رحيل عبد الجبار السحيمي ..



على نهج سيرته قيد حياته٬ جمعت ذكرى الأديب والصحافي الراحل عبد الجبار السحيمي٬ نخبة واسعة ومتنوعة المشارب والأجيال٬ من الكتاب المغاربة الذين عرفوا الراحل عن قرب٬ في جلسة استحضار وتأمل في مسار إعلامي وأدبي متفرد٬ جمع بين عطاء إبداعي متميز وحس أخلاقي وإنساني نادر.
وفاء للصحافة التي حلم برفعتها في البلاد٬ عمل دؤوب على بناء لحمة متينة لكتاب المغرب وأدبائه٬ وصرامة لا تلين كلما تعلق الأمر بقضايا عادلة أو مبادئ أخلاقية ثابتة... كذلك أشعت صورة الراحل في عيون أسماء قدرت قيمته في حضوره ووقفت على فداحة الخسارة بعد غيابه.
بالنسبة للكاتب عبد الكريم غلاب «عبد الجبار بأسلوبه متفرد.. كان من الذين يمنحون قلمهم قداسة٬ يكتبون بلغتهم هي لغة الناس (...) يتفرد باختيار الكلمة. يعرف أين يضعها في الجملة التي لا يملكها إلا هو».
يضيف غلاب في لقاء تأبين نظمه اتحاد كتاب المغرب٬ أمس الخميس بالرباط : «الموضوع الذي كان يختاره عبد الجبار لم يكن يفد اليه على جناح طائر..كانت الدروس التي تلقاها من الحياة منذ جلابة الفقيه ‹المدور› وما يزال يتلقاها في الشارع في طريقه الى المنزل٬ الى ادارة (العلم)٬ في المقهى٬ في الحديقة.. ثم الدروس التي يتلقاها من المواطنين الذين يفدون على (العلم) فيبثونه قضايا الناس وأحزانهم ومشاكلهم ومظالمهم».
أما الدبلوماسي والصحافي محمد العربي المساري٬ فتأمل في مسار عبد الجبار السحيمي بحال اليوم. استرجع جهوده من أجل الحفاظ على وحدة اتحاد كتاب المغرب كبيت لكل أدباء المغرب ومبدعيه٬ وسجل سعة أفقه ونأيه عن الاصطفافات الحزبية والاديولوجية حين فتح صحيفة (العلم) على مختلف شرائح المبدعين المغاربة٬ في إطار الملحق الثقافي٬ دون التفات الى ألوانهم السياسية٬ واحتضن التجارب الإبداعية الفتية التي أثمرت في وقت ما أسماء كبيرة في ساحة الأدب المغربي.
كان سياسيا ملتزما لكن معاركه كانت دائما ذات طابع ثقافي٬ يقول الروائي مبارك ربيع٬ الذي كتب أن «عبد الجبار لم يكن محايدا في قضايا الحرية والتحرر٬ أبدا ولم يكن متواريا أو مخاتلا٬ إنما كان حيث يجب أن يكون حامل الكلمة المتوهجة المضيئة٬ عدو الدوغمائية والمنهجية الضيقة٬ ربيب التفتح والرأي الحر النزيه٬ تتعذر قامته الرشيقة على القياسات والمقاسات٬ يضيق به اليسار واليمين معا (...) كان واحدا».
رحيل عبد الجبار السحيمي حض الناقد محمد برادة٬ على أن يطرح «السؤال الذي يحاصرني منذ غادرتنا٬ سؤال الاستمرار في الحياة بعيدا عن الذين أحببناهم وآنسونا في رحلة الحياة المتقلبة٬ المنطوية على غير قليل من الخيبات والنكد...». خاطب برادة عبد الجبار السحيمي بضمير الحاضر «أتوقف مليا عند وفائك لجذورك الفقيرة أنت الذي تنتمي الى الفئات المغربية المستضعفة التي حملت أعباء الاستقلال على أكتافها٬ وتشبثت بصفاء السريرة وأغدقت التضحيات. لا أجد ما أفسر به صلابة مواقفك وتحيزك للمظلومين والمهانين سوى انتمائك العميق الى الفقراء».
يحضر اسم السحيمي مقترنا بفضيلة الصدق عند الكاتب حسن أوريد الذي نظر الى الراحل «كيف كان يقتنص المواهب الواعدة ويحتضنها٬ ثم يراها بعدئذ تحلق في سماوات أخرى بلا تأفف٬ وكأنما أمره أن يرعى البراعم الأولى ويسلمها الى حاضنين جدد». بالنسبة لأوريد٬ الذي يستعيد الركن الشهير للراحل «بخط اليد»٬ فقد كانت «جرأة الرأي توازي جمال التعبير وقوة الايحاء صفاء الرؤية».
هي شهادات وجدت طريقها بين دفتي كتاب أعده اتحاد كتاب المغرب بمناسبة هذا اللقاء الذي استحضر فيه رئيس الاتحاد٬ عبد الرحيم العلام٬ مسار كاتب «عرف بدفاعه المستميت عن النبوغ المغربي٬ حضارة وتاريخا وثقافة وأدبا٬ وبالتعبير عن مواقفه والجهر بآرائه السديدة٬ دون أن يخشى في ذلك لومة لائم٬ في شهادته على عصره وفي تعبيره وتحليله لقضايا وطنه.»
 

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره. 

ليست هناك تعليقات